سورة الحشر - تفسير التفسير الوسيط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحشر)


        


{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (18) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (19) لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ (20) لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)} [الحشر: 59/ 18- 24].
يا أيها المصدّقون بالله ورسوله، افعلوا ما أمرتكم به، واجتنبوا ما نهيتكم عنه، ولتتأمل نفس واحدة ما أسلفت ليوم القيامة، واتّقوا اللّه- وكرّر الأمر بذلك للتأكيد- فإن اللّه مطّلع على أعمالكم، ومجازيكم عليها كلها.
واحذروا أن تكونوا كالذين تركوا أمر اللّه، وأهملوا حقوق اللّه الواجبة على عباده، ولم يخافوا ربّهم، فجعلهم ناسين أنفسهم بسبب نسيانهم لربّهم، فلم يعملوا الأعمال الصالحة التي تنفعهم في المعاد، وتنجيهم من العذاب، أولئك هم التاركون حقوق اللّه، الخارجون عن حدود اللّه وطاعته.
ولا مساواة بين المحسنين والمسيئين، فلا يستوي مستحقّو النار، ومستحقّو الجنّة في حكم اللّه تعالى في الفضل والمنزلة، أصحاب الجنّة هم الناجون، الظافرون بكل مطلوب. وهذا ترغيب في العمل للجنة، وترهيب من العمل للنار. وهذه الآيات الثلاث كلها لتأكيد الأمر بالتقوى وطاعة اللّه تعالى.
وللقرآن عظمته البالغة ومواعظه المؤثرة، فلو أنزلنا هذا القرآن على جبل من الجبال، لرأيته مع كونه بالغ الصلابة، في غاية الخشوع والخضوع والانقياد لأمر اللّه، يكاد يتشقّق من خوف اللّه وخشية عذابه، وهذه الأمثال المذكورة نضربها للناس جميعا، لعلهم يتفكرون فيما يجب عليهم التفكّر فيه، ويتّعظوا بالمواعظ. وهذه موعظة بالغة للإنسان، وذمّ لأخلاقه في غفلته وإعراضه عن داعية اللّه تعالى، مع وجود الأوصاف للّه التي توجب لمخلوقاته هذه الخشية.
ولقد عظم القرآن الكريم بعظمة صفات منزله، فالله هو الإله الواحد الذي لا إله غيره، ولا ربّ سواه، عالم بكل ما غاب عن الأحاسيس، وبكل ما هو مشاهد محسوس، وهو ذو الرحمة الشاملة الواسعة، المنعم بجلائل النّعم ودقائقها.
والغيب: ما غاب عن المخلوقين ومنه الآخرة. والشهادة: ما شهدوه، ومنه الدنيا.
هو اللّه الواحد الأحد، وكرّر ذلك للتأكيد والتقرير، والمالك لجميع الأشياء، المتصرّف فيها على وجه التمام والكمال، الطاهر من كل عيب أو نقص، الكامل في ذاته وصفاته وأفعاله، السالم من أي نقص وعيب ومن أي جور، أي ذو السّلام، المصدق أنبياءه فيما بلّغوا، والمصدّق المؤمنين في أنهم آمنوا، المهيمن، أي الرقيب الحافظ لكل شيء، الأمين عليه، القوي الغالب، ذو العزّة والجبروت فلا يدانيه شيء ولا يلحق رتبته، والبليغ الكبرياء والعظمة، الذي له التكبّر حقّا، المنزه نفسه عن إشراك الكفار به الأصنام التي ليس لها شيء من هذه الصفات، الخالق: المقدر لخلقه على حسب ما تقتضيه حكمته، الموجد خلقه من غير تفاوت مخلّ به، المصوّر: الموجد صور الأشياء وكيفياتها، له الأسماء الحسنى: الدّالة على محاسن المعاني، ينزهه كل ما في السماوات والأرض، وهو بهذه الصفات القوي الغالب القاهر الذي لا يغالبه مغالب، الشديد الانتقام من أعدائه، الحكيم في تدبير خلقه وشرعه وقدره، وفي كل الأمور التي يقضي فيها، فهو كامل القدرة، تام العلم. أي إن اللّه واجب الوجود أزلا وأبدا، الحاضر الذي لا يزول. المعبود بحق، فلا يستحقّ العبادة أحد غيره، كامل الصفات والأفعال.
فقوله: {لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} أي ذات الحسن في معانيها القائمة بذاته، لا إله إلا هو، وهذه الأسماء هي التي حصرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بقوله: «إن للّه تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنّة».
وقد ذكرها الترمذي وغيره مسندة، واختلف الرّواة في بعضها.
وأخرج الدّيلمي عن ابن عباس مرفوعا: «اسم اللّه الأعظم في ست آيات من آخر سورة الحشر».
فيدعى بها لاشتمالها على الاسم الأعظم. والعبرة في الدعاء بهذه الأسماء: الإخلاص وصفاء النفس والروح، والتوجّه الصادق لله عزّ وجلّ.

1 | 2